تثير قضية فتاة تونسية تعرضت للاغتصاب من قبل رجال أمن تونسيين في مطلع سبتمبر/أيلول الجاري جدلا حادا في تونس بعد أن وجهت إليها تهمة "الخدش بالحياء" وستواجه الفتاة القضاء التونسي. أمر اعتبره خطيبها في تصريح لفرانس24 "مساومة" لإجبارها على التخلي عن الدعوى ضد رجال الشرطة الذين اغتصبوها.
يقول أحمد إن الليلة الفاصلة بين 3 و4 سبتمبر/أيلول الجاري لن ينساها أبدا، ليلة تعرض خطيبته للاغتصاب من قبل رجلي شرطة في منطقة عين زغوان بالضاحية الشمالية للعاصمة تونس.
وأفاد المهندس الشاب في حديث مع فرانس24 عبر الهاتف "في تلك الليلة أوقفنا ثلاثة رجال أمن حين كنا في السيارة، ووضع أحدهم الأغلال في يدي وطلب مني 300 دينار، أي ما يعادل 150 يورو، أعطيته 40 دينارا كانت كل ما أملك حينها.. وفي هذه الأثناء اقتاد زميلاه خطيبتي إلى المقاعد الخلفية لسيارتهما حيث اغتصباها. واليوم توجه إلى خطيبتي، مريم تهمة الخدش بالحياء.. وتثير هذه القضية ضجة كبيرة في تونس وحنق المجتمع المدني.
وقد تم استدعاء مريم للمثول أمام القضاء في 26 سبتمبر/أيلول في محكمة تونس العاصمة، حيث تم إجراء مواجهة بينها وبين المعتدين عليها الموقفين بتهمة الاغتصاب. وبحسب محضر الاتهام فقد ضبط أحمد وخطيبته مريم في "وضع غير أخلاقي" حين أوقفتما الشرطة. ومن المقرر أن يقدما إلى المحاكمة في 2 أكتوبر/تشرين الأول وقد يواجها عقوبة السجن لمدة ستة أشهر.
المحاكمة هي وسيلة ضغط للتخلي عن الدعوى""
ويؤكد أحمد أنه وصديقته كانا جالسين كل في مقعده حين اعتقلتهما الشرطة، وأضاف بأن تحركات رجال الشرطة كانت منظمة ما يعني أنها ليست المرة الأولى التي يقومون فيها بفعلتهم هذه.
مريم الحائزة على إجازة في المحاسبة والإدارة، تتجنب في الوقت الحاضر الحديث إلى وسائل الإعلام، ويقول أحمد أن التهمة الموجهة إليها سببت لها ضغطا نفسيا كبيرا فهي تبكي باستمرار". وبالنسبة إليه فإن التهمة الموجهة إليهما تهدف أساسا إلى دفعهما إلى التراجع عن تهمة الاغتصاب التي رفعاها ضد الشرطة".
وأثارت هذه القضية غضب عدة منظمات حقوقية خاصة "المنظمة التونسية للنساء الديمقراطيات" وتقول زينب فرحات الناشطة في هذه المنظمة "هذه الفتاة تعرضت للاغتصاب ثلاث مرات، الأولى عندما تعرضت للتوقيف وهي داخل سيارتها التي تعتبر فضاء خاصا، ثانيا عندما اغتصبها رجلا الشرطة، وثالثا عندما تم تقديمها إلى المحاكمة كمذنبة في حين أنها ضحية".
وتقول سيدة قراش، محامية مريم لفرانس24 "محاكمة مريم الهدف منها تحويل الضحية إلى متهمة" وحيت المحامية شجاعة موكلتها وسرعة بديهتها حيث توجهت إلى مصحة لإثبات عملية الاغتصاب ثم رفع قضية ضد المعتدين عليها، وإثارة القضية علنا."
سياسة ترهيب للنساء
وتقول محامية مريم "إن عددا كبيرا من النساء لا يرفعن قضايا في حال تعرضن للاغتصاب خوفا من الانتقام أو من الفضيحة". "هذه القضية تقع في سياق الترهيب التي تتعرض إليه النساء التونسيات لإجبارهن على البقاء في منازلهن".
وتدين جمعيات نسائية ممارسات الشرطة التونسية إزاء النساء منذ وصول النهضة إلى الحكم في تونس بعد انتخابات أكتوبر/تشرين الأول2011. حيث يعتقد أنهن يتعرضن إلى المضايقة من قبل رجال الأمن بسبب طريقة لباسهن أو خروجهن ليلا دون مرافقة أحد من عائلاتهن.
ويشير حزب القطب اليساري التونسي إلى أن "الاغتصاب لا يزال وسيلة قمع منتشرة في تونس"، وتقول كريمة سويد عن حزب التكتل المتحالف مع النهضة في الترويكا الحاكمة، "أسحب تضامني كليا مع هذه الحكومة، قضية الاغتصاب واستدعاء الضحية للمثول أمام القضاء هي القطرة التي أفاضت الكأس" وأضافت "تثيرون تقززي".
المحدث باسم وزارة الداخلية التونسية خالد طروش صرح لوكالة الأنباء الفرنسية، بأن وزارته لا دخل لها بالتبعات القضائية التي طالت الشابة الضحية. وقال إن الأمر موكل اليوم إلى قاضي التحقيق، وبأن وزارة الداخلية قامت بالمطلوب وتم ايقاف رجال الشرطة آنيا".