كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في أوكرانيا. معظم النوادي مملوكة لرجال أعمال أثرياء، إنها هواية تجلب لهم مكانة مميزة في البلد الذي ستنطلق فيه بعد أيام، بالمشاركة مع بولندا، بطولة كأس الأمم الأوربية.
"كرة القدم عندنا ليست بتلك الشعبية التي تحظى بها اللعبة في المجتمع الأوروبي أو في المجتمع الألماني"، يقول ايغور ميروشنيتشينكو، السياسي والمعلق الرياضي الأوكراني. "لأنه لدينا الكثير من المشاكل الداخلية السياسية والاجتماعية، ولكن الاهتمام بها (كرةالقدم) كبير نسبيا. وخلال كأس العالم عام 2006 في ألمانيا شارك الجميع في أوكرانيا في المتابعة المباشرة. وحتى ربات البيوت تابعن مباريات المنتخب الوطني".
ومنذ سنوات يهيمن على مسابقة كرة القدم المحلية ناديان اثنان. وقبل أسابيع قليلة، حقق نادي شاختار دونيتسك اللقب مرة أخرى، ليكون اللقب السابع له خلال 21 موسما. دينامو كييف يحمل الرقم القياسي بفوزه بالدوري 13 مرة. ولا عجب في رؤية أحد الناديين متصدرا للترتيب.
شاختار - هيمنة كرة القدم القادمة من الشرق
في السنوات الأخيرة سيطر شاختار دونيتسك – ولكن ليس في الملعب فقط ، بل حتى في السياسة يسيطر الآن أشخاص من المنطقة الصناعية التي تقع في شرق أوكرانيا. أما الانتصارات الرياضية على أرضية الملعب فتأتي، في المقام الأول، بفضل نجوم برازيليين تم شراؤهم بمبالغ طائلة. ويعود الفضل في القوة الشرائية للنادي إلى التدفقات النقدية التي يقدمها رينات أخميتوف، رجل الأعمال القادم من دونيتسك الأغنى من بين أصحاب المليارات في أوكرانيا، وهو مالك ورئيس نادي شاختار. لكن ما ينقص هو الخصم القوي. لأنه لا يمكن لدينامو كييف، ناهيك عن الأندية الأخرى، أن يوقف الآن سلسلة الانتصارات المتتالية لدونيتسك.
"دينامو، الذي ظل لوقت طويل رمزا لكرة القدم الأوكرانية، لا يقدم اليوم الأداء الذي ينتظره الجمهور في كييف"، يقول ميروشنيتشينكو، الذي شغل منصب الناطق الإعلامي للمنتخب الوطني لسنوات عدة". خسر دينامو هذا العام البطولة مرة أخرى، وسيطر دونيتسك مجددا، سواء من الناحية المالية أو من ناحية الأداء. وبالتالي انخفضت المتابعة الجماهيرية.
تذكرة بيورو واحد
كمعدل وسطي، تحظى كل مباراة من بطولة الدوري بمتابعة حوالي 10 آلاف متفرج. ورغم أن ثمن تذكرة المباراة لا يزيد على 6 يورو، إلا أنه نادرا ما تمتلئ الملاعب بالجمهور. بطولة كأس الأمم الأوروبية ستعطي قوة دفع جديدة لكرة القدم الأوكرانية، كما يرى مدرب المنتخب الوطني أوليغ بلوخين في مقابلة معDW . وهذه هي المشاركة الأولى لأوكرانيا في البطولة الأوروبية. وفي نهائيات كأس العالم 2006 في ألمانيا قاد بلوخين الأوكرانيين لتحقيق مفاجأة بالوصول إلى الدور ربع النهائي.
وبالتالي فإن التوقعات كبيرة بأن يقود بلوخين الفريق للمضي بعيدا في البطولة. أما المدرب فلايزال يلتزم الحذر: "لو أن لدينا مزيدا من اللاعبين ممن يلعبون مع أندية أوروبية كبرى، فإن ذلك سيعطي مزيدا من الخبرة لفريقنا. فمستوى لاعبينا نسبيا، أقل من مستوى دوري الدرجة الأولى في أوروبا".
مالكو الدوري الممتاز
لكن اهتمام رجال الأعمال الأثرياء بكرة القدم لم يتأثر بسبب ذلك الأمر. رياضة الكرة بالنسبة لهؤلاء، ليست استثمارا مالياً وإنما هي هواية مكلفة، ومكانة رمزية. فهذا يتيح لهم الحصول على مكانة اجتماعية ويعطيهم وزنا خاصا في دائرة رجال الأعمال الأثرياء. تأثير هذه الأقلية لا يقف عند هذا الحد بل يصل إلى السياسة أيضا.
غالبية الأندية في الدوري الأوكراني الممتاز هي في أيدي قلة من كبار الأثرياء. رينات أخميتوف، رئيس نادي دونيتسك لكرة القدم، لديه علاقات وثيقة مع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، الذي ينحدر أيضا من دونيتسك. وإلى جانب شاختار يمتلك أخميتوف نادي ايلتشفيتس ماريبول. ونفوذه المالي يسيطر على نادي زوريا لوهانسك أيضا، كما أن ملكية نادي سيفاستوبول تعود لشريك أخميتوف فاديم نوفينسكي.
وتمكن إيغور كولومويسكي، وهو رجل أعمال من دنيبروبتروفسك، من شراء ثلاثة أندية: دنيبرو، وكريفباس، وأرسنال كييف. ولكنه مهدد الآن بدعوة قضائية بتهمة الاحتكار، لأن مثل هذا التركيز في ملكية الأندية تحظره كل من القوانين الأوكرانية وكذلك قوانين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
لتغيير في القيادة بات وشيكا
بترو ديمينسكي، رئيس نادي كارباتي لفيف، وغريغوري سوركيس، الرئيس السابق لدينامو كييف، هما الوحيدان، من خاج دائرةالمليارديرات، اللذين يملكان أندية في الدوري الأوكراني الممتاز. ولكنهما على الأقل من أصحاب الملايين. وخاصة غريغوري سوركيس الذي طبع الدوري الأوكراني لكرة القدم بطابعه الخاص. فقد ظل لما يقرب من 17 عاما يدير دفة كرة القدم كمسؤول رياضي بارز. وقد نجح، كرئيس للاتحاد الأوكراني لكرة القدم، في انتزاع شرف استضافة بطولة كأس الأمم الأوروبية، ودافع بنجاح عن المشروع المرموق بالنسبة لأوروبا. جنبا إلى جنب مع بولندا، نالت أوكرانيا في عام 2007 الحق في تنظيم بطولة كأس الأمم الأوروبية في يونيو/ حزيران المقبل. لتكون تتويجا لمسيرة سوركيس الناجحة.
أما على صعيد كرة القدم المحلية، فلم يتمكن دائما من إيجاد لغة مشتركة مع الناس القادمين من الشرق. الصراع التنافسي بين كبار رجال الأعمال من دونيتسك وكييف، والذي لا يقتصر على التنافس في أرض الملعب فقط، يبدو أنه حسم. لأنه على أبعد تقدير سيستقيل سوركيس من رئاسة اتحاد الكرة. ومن المحتمل جدا أن يأتي الرئيس الجديد من شرق أوكرانيا.