فيما كشفت الصحفية السودانية لبنى حسين لـ دويتشه فيله تفاصيل اعتقالها وأخريات بسبب ارتدائهن "سراويل غير محتشمة"، واحتمال جلدها مثل ما حدث لزميلاتها، قالت رئيسة اتحاد المرأة السودانية إن الحرية ليست مطلقة والاحتشام مطلوب.
غطت واقعة اعتقال الصحفية السودانية "لبنى أحمد حسين" على العديد من الأخبار في مطلع الأسبوع الجاري، وربما كان صوت لبنى عاليا في مواجهة متهميها من الشرطة السودانية، الذين شاءوا جلدها وفق الشريعة الإسلامية ـ كما يفهموها ـ، وذلك بتهمة ارتدائها سروالا "غير محتشم"، إلا أنّ صوت النساء ألاثنتي عشرة الأخريات اللائي اعتقلن معها في نفس الليلة لم يرتفع ليمنع محاكمتهن وجلدهن بسرعة دون الالتفات إلى الرأي العام.
وانشغلت مواقع الإنترنيت السودانية بالقصة وكتب " أمير القلب" على موقع سوداني شهير: "أنثى و لا دستة رجال"، لبنى أحمد حسين من الأقلام الشابة والشجاعة في الصحافة السودانية. لبني احمد حسين تتعرض للملاحقة والمساءلة وربما جلدها بواسطة النظام العام وفقا للمادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991، الجرم هو ارتداء ملابس تسبب مضايقة للشعور العام".
"القضية تمس جميع النساء في المجتمع"
هذه السيدة المترملة خصت دويتشه فيله بحوار مفصل كشفت فيه عن طريقة اعتقالها من صالة أم كلثوم في منطقة الرياض بالخرطوم، واقتيادها مع أخريات إلى مركز الشرطة، حيث بتن ليلتهن هناك حتى الظهر، وقد أخذت الشرطة هواتفهن النقالة منهن، ثم كيف أنها التقت بأحد الصحفيين الذي قام بتقديم الكفالة الضامنة لها وأطلق سراحها، فيما بقيت ثلاث نساء رهن الاعتقال بانتظار محاكمتهن "بتهمة" ارتداء ملابس "غير محتشمة". وقالت إن الباقيات حوكمن ونفذت بحقهن عقوبة الجلد. وأكدت لبنى أنها قد امتنعت عن الكتابة منذ عام ونصف، وأنها تعمل حاليا في وظيفة غير صحفية، وأنها تكتب أحيانا على الانترنيت مواضيع علمية أو مواضيع تخص المرأة.
"الشرطي هو القاضي والمجتمع لا يرحم"
وذكرت أنها لا تستبعد أن استهدافها كان شخصيا لسبب مقالاتها الجريئة في عمودها الصحفي الذي كان يعرف بـ (كلام رجال)، إلا أنها عادت لتقول: "وليتها كانت قضية استهداف شخصي لقلت حينها قضية شخص واحد وبإمكانه أن يحلها لوحده، إلا أن الاستهداف موجه لعموم شريحة النساء في المجتمع من خلال نص المادة 152 من القانون الجنائي لعام 1991".
وأشارت لبنى أنها تتحدث نيابة عن النساء وقد وجهت دعوة إلى كل الناس لحضور محاكمتها وهي تدافع عن ملابسها المحتشمة وجلوسها في مكان عام يضم أكثر من أربعمائة شخص. وقالت لبنى أنها ليست الحالة الوحيدة التي تتعرض لهذه التجربة الأليمة، لكنها كانت الوحيدة التي تجرأت على رفع صوتها، كما أن القانون المذكور ترك تحديد معايير "الملابس الفاضحة" للشرطي الذي يقرر المعيار، فيما هو فاضح وما هو محتشم. وأردفت قائلة "المجتمع في السودان لا يصدق مظلومية المرأة ويجلدها بدوره باعتبار الجلد وصمة عار ترافقها طيلة حياتها".
"الحرية ليست مطلقة والاحتشام مطلوب"
وذهبت السيدة رجاء حسن خليفة، رئيسه " اتحاد المرأة السودانية "، وهو منظمة حكومية رسمية، إلى أن الذين يطبقون القانون "هم من البشر ومعرضون مثل غيرهم لخطأ في التقدير وقد تحدث تجاوزات". وتابعت، في مقابلة مع دويتشه فيله، بالقول إنه من هنا يبدأ دور المجتمع المدني في متابعة هذه التجاوزات وكشفها، سواء كان ذلك في قضية الصحفية لبنى حسين أم في حالات أخرى. وذكرت السيدة رجاء أن بإمكان منظمات المجتمع المدني مقاضاة الحكومة ومؤسساتها، مشيرة إلى أن "اتحاد المرأة السودانية" دافع عن النساء في حالات عديدة وتابع حقوقهن وواجباتهن، إلا أنها عادت وذكرت أن "الحرية ليست مطلقة وأنها مرتبطة بحريات الآخرين".
وأشارت رئيسة "اتحاد المرأة السودانية" إلى أن "الاحتشام مطلوب، لكنها أردفت بالقول إنه "لا يوجد وصف دقيق لصفة الاحتشام"، وإذا أراد أي إنسان أن يتحايل على القانون فبإمكانه ذلك سواء كان من المواطنين أم من رجال الأمن، وعليه فان الحديث عن المعايير حديث فضفاض وغير واقعي، حسب تعبيرها.
"القانون السوداني يتضمن تمييزا واضحا ضد المرأة"
من ناحيتها كشفت عبير سليمان مديرة البرامج في "الشبكة العربية لمعومات حقوق الإنسان"، وهي منظمة غير رسمية مقرها القاهرة، أن الشبكة تبنت قضية لبنى حسين منذ يوم الجمعة ونشرت حيثياتها وملابساتها على موقعها الالكتروني. واعتبرت الناشطة الحقوقية، في مقابلة مع دويتشه فيله، أن القانون السوداني يتضمن تمييزا واضحا ضد المرأة، ودافعت عن لبنى بالقول أنها لم ترتدِ أي لباس مخالف للشريعة الإسلامية، معتبرة أن هذه التهمة كانت حجة للتعرض لها، مستغربة من أن تصل العقوبة على ارتداء ملابس معينة إلى حد الجلد. وأشارت إلى أن العقوبات في السودان تطال النساء والرجال على حد سواء، معربة عن رفض شبكتها لعقوبات الإعدام والجلد والعقوبات التي تمتهن كرامة الإنسان.
وتطالب مسؤولة "الشبكة العربية لمعومات حقوق الإنسان" بحشد الجهود من خلال الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات الدفاع عن حقوق المرأة للتأثير على السلطات السودانية، وتعتقد عبير أن بوادر هذه الحملة قد بدأت بالفعل، حيث تم تأجيل النظر في قضية لبنى، كما قالت الحقوقية العربية.