تأكدت توقعات الخبراء ونتائج استطلاعات الرأي بصعود فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية. فماهي رهانات هذه الدورة؟ وأي من المرشحين سيحظى بأصوات الوسط واليمين المتطرف؟ وهل ستكفي أصوات اليسار لفوز هولاند؟
كان نيكولا ساركوزي الرئيس المنتهية ولايته يشدد دائما على أنه سيحسم السباق الرئاسي على حساب منافسه فرانسوا هولاند في الدورة الثانية من الاستحقاق. فها هما وجها لوجه طبقا لما توقعه المراقبون ولما أسفرت عنه نتائج استطلاعات الرأي طيلة الحملة الانتخابية. ولكن ما لم يرد ساركوزي الإفصاح عنه أن نتائج الدورة الأولى أكدت مخاوف تيار اليمين الجمهوري الحاكم من حلول الرئيس المنتهية ولايته في المرتبة الثانية، ما يشكل سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة [التي أسسها شارل ديغول في 1958]. فمع حصوله على 25.5 في المئة من الأصوات، وهي نسبة ضعيفة، يكون قد أدخل الشك بصورة نهائية في أذهان مسانديه بشأن حظه في الفوز بالانتخابات.
أنصار بايرو يفضلون وصول هولاند، نظرا لشخصيته الهادئة، إلى الإليزيه
أما فرانسوا هولاند، بنيله 28.4 في المئة من أصوات الناخبين، فقد تقدم بخطى واثقة نحو إمكانية إحراز أول انتصار لليسار مند 1988 حين أعيد انتخاب فرانسوا ميتران. ويراهن هولاند في الدورة الثانية على الفوز بأصوات اليسار، من "جبهة اليسار" إلى "حزب الخضر" مرورا بـ "الحزب الجديد المناهض للرأسمالية"، بل إنه يطمح في نيل قسط كبير من أصوات مناصري فرانسوا بايرو، زعيم "الحركة الديمقراطية" - وسط - وجزء من أصوات اليمين المتطرف المستاء من ساركوزي ووعوده التي لم يفي بها.
وقد اعتبر محللون في الأسابيع التي سبقت موعد الدورة الأولى أن أنصار بايرو يفضلون وصول هولاند، نظرا لشخصيته الهادئة، إلى الإليزيه بدلا من بقاء ساركوزي في منصبه. وكان بايرو، المعروف بعدائه لزعيم اليمين الجمهوري، حصد في انتخابات عام 2007 نحو 19 بالمئة من الأصوات وضعته في المركز الثالث في الدورة الأولى، إلا أنه لم يدع للتصويت لليمين في الدورة الثانية.
صار الجميع يصرخ أن السباق الحقيقي سيكون عقب الدورة الأولى
وكان هدف ساركوزي وراء تركيزه على الدورة الثانية يعكس وعيه لصعوبة وضعه ولعدم قدرته على قلب الموازين لصالحه ضد هولاند، وهذا ما لم يكن هو يتوقعه قبل إعلانه الترشح لولاية ثانية. فصار الجميع في معسكره يصرخ أن السباق الحقيقي سيكون عقب الدورة الأولى. وصار "مرشح الأثرياء" كما يلقبه كثيرون يطلق على نفسه اسم "مرشح الشعب".
وما لم يكن يتصوره الرئيس المنتهية ولايته أن تحصد مارين لوبان زعيمة "الجبهة اليمينية" المتطرفة 20 في المئة من أصوات الناخبين، وهي نسبة تفوق نسبة والدها جان ماري لوبان، الذي حصل في 2002 على 17 في المئة من الأصوات متقدما على ليونال جوسبان مرشح الاشتراكيين، إلى الدورة الثانية أمام جاك شيراك. وكان عدد كبير من المتتبعين والمحللين ألمحوا إلى أن احتمال ارتفاع نسبة مارين في الدورة الأولى لن تكون بالضرورة لمصلحة الرئيس المنتهية ولايته في الدورة الثانية.