صار الموقع الاجتماعي فيسبوك لدى شرائح واسعة من الناس جزءا لايتجزأ من حياتهم اليومية. لكنه أصبح في نظر آخرين أخطبوطا خطيرا، وتتزايد الحملات ضده، فقد أعلنت مجموعة قراصنة مجهولة عن شن حملة عليه يوم السبت 5 /11.
"تيلو فايشرت" هذا الموظف المكلف بحماية البيانات المعلوماتية في ولاية "شليسفيغ هولشتاين" الألمانية صار من الناس الأكثر بغضا في منطقة "مينلو بارك" بكاليفورنيا، وأصبح اسمه يمثل رمزا معينا حتى في مواطن الفيسبوك الأصلية. سبب ذلك أن "فايشرت" انتقد عملية تقييم المعلومات والأفكار التي يدونها الأعضاء في المواقع الإلكترونية بالضغط على خانة "أنا معجب". فمجرد الدخول إلى موقع يتيح إمكانية تقييمه بالضغط على "أنا معجب" يتمكن فايسبوك ، حسب تعبير فايشرت، من التدخل في التقييم حتى دون أن يكون المستخدم قد ضغط على زر"أنا معجب". لا بل حتى الأشخاص الذين ليسوا أعضاء في الفيسبوك تتم مراقبتهم واقتحام خصوصياتهم.
يرى الموظف المكلف بحماية البيانات المعلوماتية "فايشرت" أن هذا يشكل خرقا واضحا لقوانين حماية البيانات والمعلومات الشخصية في بلده ويتوعد مديري المواقع الإليكترونية التي تستعمل التقييم ب"أنا معجب" بغرامة مالية. بذلك يسجل "فايشرت" اسمه على رأس حركة معارضة تتسع نطاقا لاقتحام الخصوصيات الشخصية في موقع فيسبوك. الانتقادات اللاذعة ليست موجهة فقط إلى الموقع الاجتماعي "فيسبوك" أو الشبكات الاجتماعية بصفة عامة ولكنها موجهة على وجه التحديد ضد سلوكيات الشركات الأمريكية الرائدة في السوق العالمية، مما دفع إلى إطلاق اسم " أخطبوط المعلومات" على الـ فيسبوك
مسح المعلومات غير ممكن
مؤخرا اكتشف طالب نمساوي الطريقة الحقيقية التي يجمع بها فيسبوك المعلومات ويقيمها. وكان الشاب ذو الثلاث وعشرين سنة قد أرغم إدارة الفيسبوك على الكشف عن المعلومات التي خزنتها عنه، وتفاجأ كثيرا بالكم الهائل من المعلومات المسجلة حوله والتي وصلت ما يقارب 1200 صفحة، رغم أنه لم يكن يرتاد الموقع بانتظام. من بين الأشياء التي صدمت الشاب هي استمرار تخزين العديد من المعلومات عنه رغم أنه مسحها وألغاها بصفة كاملة. فيسبوك يشير فقط إلى أن المشترك مسح تلك المعلومات و لم يقم الموقع بإلقائها في المهملات.
مسألة ثانية أثارت اشمئزاز الطالب، وهي تسريب معلومات عديدة عنه خارج الفيسبوك وتداولها في مواقع أخرى. اكتشف مثلا أن بريده الإلكتروني الذي لم يستعمله قط في فيسبوك متوفر في مواقع أخرى. من المرجح أن فيسبوك يقوم بجمع بيانات ومعلومات إضافية حول المشترك من مواقع أخرى. في نهاية المطاف يتوفر الموقع على معلومات عديدة تسهل استغلال المشتركين وبيع المعلومات عنهم للشركات في مجال التسويق التجاري. فيسبوك مثلا يحقق من خلال هذه العمليات أرباحا مالية تعد بالمليارات. رغم كل هذا فالعديد من المشتركين غير واعين بخطورة الوضع.
ما هي المعلومات التي يمررها فيسبوك للمخابرات؟
إلى جانب استغلال المعلومات الشخصية للمشتركين في المواقع الاجتماعية في الإنترنيت في المجال التجاري، يطفو إلى السطح سؤال يتعلق بحجم ونوعية المعلومات التي تسربها هذه المواقع لأجهزة المخابرات. فلا فيسبوك و لا المخابرات كشفوا يوما عن معطيات حول هذه النقطة. هناك حالات معروفة في دول كإيران و سوريا حيث يتم استخدام الفيسبوك لمراقبة الناشطين السياسيين. حتى خزان المعلومات "غوغل" كشف أن العديد من الدول تطالبه من حين لآخر بمدها بمعلومات حول أشخاص معينين.
حملة القرصنة المجهولة تهدف إلى التوعية على جشع المعلومات وعدم دراية عدد كبير من المستخدمين بخطورة الوضع وتنبيههم من استغلال بياناتهم الشخصية. هذا بغض النظر عن مدى مفعول هذه الحملة. حتى الموظف فايشرت المكلف بحماية البيانات المعلوماتية لازال عرضة للنقد حتى في محيط عمله. فعلى سبيل المثال ترفض حتى حكومة الولاية التخلي عن موقعها على الفيسبوك، وبدلا من ذلك يتم فوق صفحة هذا الموقع النقاش حول ما يوصف بضيق أفق فايشرت. لكن إذا تجلت ضرورة إنقاذ أحد فلا بد أولا من أن يدرك أنه يعاني من مشكلة.