يتمتع الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي بتأثير كبير على حياة المسلمين في العالم. فالبعض يرى فيه الرجل الميسر الذي يدعو إلى الاعتدال والوسطية، البعض الآخر يتهم مواقفه المتطرفة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. فمن هو هذا الرجل الذي يستقطب الملايين؟
القرضاوي الداعية المثير للجدل والابن المدلل لقطر يعتبر الشيخ يوسف القرضاوي من أبرز علماء الدين في العالم الإسلامي ومن المؤثرين الأساسيين على حياة المسلمين في جميع البلدان العربية والإسلامية. الناس بالملايين يتابعون خطبه الدينية وبرنامج "الشريعة والحياة" الذي تبثه كل أسبوع قناة الجزيرة، يفتي خلاله، ابن مصر المقيم في قطر، في قضايا الدين ويجيب على أسئلة المشاهدين. ولد يوسف القرضاوي في مصر سنة 1926 في كنف عائلة فقيرة، والده كان مزارعا. حفظ القرآن وهو دون العاشرة من العمر وواصل دراسته في الفقه والدين حتى حصوله على الشهادة العليا في أصول الدين في 1953 وبإجازة للتدريس عام 1954 بعد تخرجه من الجامعة، عمل القرضاوي في مراقبة الشؤون الدينية بالأوقاف وإدارة الثقافة الإسلامية بالأزهر. ينتمي القرضاوي إلى تيار الإخوان المسلمين، ولذلك اعتقل عدة مرات في الخمسينيات من القرن الماضي، لكن بعد مقتل سيد قطب وقيام الرئيس جمال عبد الناصر بحملة ضد الإخوان المسلمين، قرر مغادرة مصر عام 1961 والاستقرار في دولة قطر إلى يومنا هذا، حيث حصل على الجنسية القطرية وعمل مدرسا في الشريعة الإسلامية والفقه والآداب. القرضاوي ندد "بالاحتلال العسكري الأمريكي للعراق" نشر القرضاوي أكثر من مئة كتاب معظمها تتناول قضايا الدين والفقه وعلوم الاجتماع، وهو يعتبر شخصية دينية وسياسية قوية حسب عبد الباري عطوان، رئيس تحرير القدس العربي، الذي التقاه أكثر من مرة في لندن والدوحة. ويقول عطوان إن القرضاوي يتمتع بشخصية وسطية معتدلة وهو رجل ييسر ولا يعسر ويحترم حقوق المرأة والفتاوى التي يصدرها قريبة من الاعتدال" اتخذ القرضاوي مواقف شجاعة، إذ أدان مرات عديدة عمليات انتحارية نفذتها القاعدة وانتقد طالبان عندما حطموا تماثيل البودا في أفغانستان. كما ندد باعتداءات نيويورك في سبتمبر/أيلول 2001 وتلك التي طالت المدرسة اليهودية بتولوز والجنود الفرنسيين. كما ندد في 2003 بالاحتلال العسكري الأمريكي للعراق وأصدر فتوى تبيح قتل المدنيين والجنود الأمريكيين المتواجدين في هذا البلد. يعد القرضاوي من أبرز المساندين للقضية الفلسطينية وهو يدعم المقاومة بكافة أشكالها، فضلا عن تأييده للعمليات الانتحارية التي تستهدف جنودا إسرائيليين. ويعتقد عبد الباري عطوان أن هذا الموقف هو الذي جعل "اللوبي اليهودي" في دول الغرب يمنعه من الدخول إلى بريطانيا في 2005 ومن ثم إلى فرنسا في 2012 ويصنف في خانة الدعاة المتطرفين. فتوى تبيح "زواج المسيار وهو نوع من زواج المتعة" في المجال الاجتماعي، أصدر يوسف القرضاوي فتوى تبيح "زواج المسيار" وهو زواج لا يلزم الزوج بتوفير بيت لزوجته بل يمكن لها أن تبقى في منزلها الأصلي- بحجة أن الدول العربية, لا سيما الخليجية منها، تعاني من أزمة العنوسة. كما امتنع عن انتقاد قطر التي يعيش فيها والسعودية أو البحرين بالرغم من أن أنظمة هذه البلدان ليست ديمقراطية يقول عبد الباري عطوان. وأشار رئيس تحرير جريدة القدس العربي إلى التقاء مواقف قطر مع مواقف القرضاوي في بعض الأحيان، خاصة عندما تعلق الأمر بالإطاحة بالعقيد القذافي أو كما هو الحال حاليا بالنسبة لنظام بشار الأسد. كما ساند بقوة الشعوب العربية التي انتفضت على حكامها مثل مصر وتونس وليبيا وسوريا وحتى اليمن. لقد أتقن القرضاوي استعمال الإعلام والتكنولوجية الحديثة، إذ استخدم الجزيرة كمنبر للتعبير عن مواقفه الدينية والتواصل مباشرة مع الشعوب العربية. ويعتقد عبد الباري عطوان أن القرضاوي استفاد من الإعلام وأن الإعلام استفاد منه أيضا، باعتباره يملك شخصية مثيرة للجدل و"كاريزما" دينية وسياسية خارقة للعادة تستقطب المشاهدين بالملايين. خطب تستقطب الملايين شغل يوسف القرضاوي مناصب عدة، أبرزها رئاسة الاتحاد العالمي للمسلمين ورئيس المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث وعضو مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، إضافة إلى منصب رئيس هيئة الرقابة الشرعية لمصرف قطر الإسلامي ومصرف فيصل الإسلامي بالبحرين وعضو مجلس الأمناء لمركز الدراسات الإسلامية في أكسفورد. كما أسس القرضاوي موقع "إسلام أون لاين" باللغتين العربية والإنكليزية. وهو موقع إسلامي يعالج موضوعات مختلفة حول الدين والثقافة والعلوم وأحد أكثر المواقع زيارة عربيا. زار يوسف القرضاوي عددا كبيرا من الدول الإسلامية والعربية وألقى خطبا عديدة استقطبت ملايين الناس واستقبل من قبل العديد من الرؤساء. يعد القرضاوي من الشخصيات الإسلامية التي تتمتع بتأثير كبير على الحياة الدينية في الأقطار العربية وتصريحاته تلقى صدى كبيرا