علقت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية على الجموع الغفيرة التى حضرت جنازة قداسة البابا شنودة الثالث، الذى قاد الكنيسة القبطية – التى تعد أحد أقدم كنائس العالم - لأربعة عقود من الزمان، موضحة أنه قد تمتع بشعبية طاغية فى المجتمع المصرى نتيجة ما امتلكه من كاريزما قد ميزته عن غيره. وأضافت أن مخاوف مسيحيى مصر قد تزايدت بعد وفاته، خاصة أنهم قد يواجهون مزيداً من التهميش. وأضافت الصحيفة، أنه خلال ساعتين من الصلاة على روح البطريرك القبطى، ظل الحاضرون يذكرون كيف استطاع هذا الرجل أن يكون بمثابة ربان السفينة الذى تمكن من بناء جسور للتواصل بين الأقباط المسيحيين فى مصر ونظرائهم المسلمين، بالإضافة إلى قدرته على توسيع النفوذ الكنسى إلى مختلف أنحاء العالم. وأوضحت النيويورك تايمز أن العديد من المسيحيين المصريين أعربوا عن عدم ارتياحهم منذ أن سمعوا بنبأ وفاة البابا، خاصة فى ظل الاضطرابات التى تشهدها المرحلة الانتقالية الحالية فى مصر منذ سقوط النظام المصرى السابق فى فبراير من العام الماضى. وأبرزت الصحيفة الأمريكية بعض المشاهد الفوضوية التى صاحبت جنازة البابا، كقيام بعض المشيعين بالتسلق على السيارة التى تحمل جثمانه، وكذلك التصارع بين المشيعين الذين حملوا صور البابا المتنيح وقوات الشرطة العسكرية التى ذهبت لتنظيم الجنازة. إلا أن تلك الأحزان التى شعر بها الأقباط المصريون لم تخف مشاعر الخوف لديهم، خاصة فى ظل تنامى نفوذ الأحزاب الإسلامية، وبالتالى فإن هناك احتمالات كبيرة لتهميش الأقلية المسيحية فى مصر وكذلك الاستمرار فى سياسة التمييز التى مارستها الحكومة ضدهم لعقود طويلة. وأضافت الصحيفة، أن التساؤلات تدور الآن حول الدور الذى قد تلعبه الكنيسة خلال المرحلة المقبلة فى مسألة صياغة الدستور فى الوقت الذى ستشهد فيه زخماً حول مسألة اختيار البطريرك الجديد الذى سوف يقود مسيرة الكنيسة خلال مرحلة حساسة فى تاريخ البلاد. ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى الدعم الذى قدمه البابا شنودة الثالث للرئيس السابق حسنى مبارك، مبررة ذلك بأن حكومات النظام المصرى السابق منحت الكنيسة حرية كبيرة لتوسيع نفوذها فى الداخل والخارج دون أى تدخل من جانب الدولة المصرية آنذاك. لذا فقد دعا عدد كبير من نشطاء الأقباط الكنيسة الى الحد من دورها السياسى فى مرحلة ما بعد البابا شنودة، مؤكدين أن مسئولية محاربة التمييز تقع الآن على عاتق المنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى، إلا أن البعض على الجانب الآخر مازال يرحب بدور كنسى للدفاع عن الأقباط.